لمحه عن منهج القيم والأخلاق
عن منهج القيم والأخلاق
تخيل جيلً يتغلب على المعضلات الأخلاقية التي تواجه العلماء والقادة والصحفيين والمعلمين وسائر أفراد المجتمع بصفة يومية وبكل سهولة وأريحية؛ تخيل عالمًا تمثل فيه الأخلاق الأساس الذي تقوم عليه جميع المجالات والمهن. هذا هو الهدف من منهج القيم والأخلاق الذي يُدّرس في أكاديمية قطر – الوكرة لتزويد الطلاب بمجموعة أدوات تكفل لهم مواجهة تحديات العالم من منظور أخلاقي وتحسين قدرتهم على التعامل معها.
يخوض طلاب أكاديمية قطر – الوكرة من مرحلة الروضة حتى الصف العاشر أربع تجارب مميزة سنويًا في مجال الأمانة والمثابرة واليقظة والتواضع، وقد صُممت هذه التجارب بعناية بحيث ينخرط الطلاب بكل جوارحهم في المناقشات والمشروعات المختلفة والرحلات التعليمية الإبداعية للتعرف على كل قيمة من هذه القيم بالتفصيل من مناظير مختلفة. فعلى سبيل المثال، خلال رحلتهم في تعلم الأمانة من مرحلة الروضة حتى الصف العاشر، يتعلم الطلاب في أحد الصفوف معضلة قول الصدق إن ترتب على هذا إضرار بمصلحة صديق مقرب أو شعور أحد الوالدين بالإحباط. تخيل المحادثات التي تجري بينهم والمشروعات التي أعدها الطلاب على مدار شهرين الدراسة هذه المعضلة واكتساب أدوات أخلاقية جديدة. بينما في صف آخر يناقش زملاؤهم إشكالية تحمل الضرر الناجم عن عدم الأمانة )بعبارة أخرى، كيف تقول الصدق بعد أن كذبت(. وكم تعرضنا نحن الكبار لمواقف كهذه وخرجنا منها بدرس قاس، ولا يزال الكثيرون لا يعون هذا الدرس من الأساس. إننا نؤمن إيماًنا راسخًا بأن بناء الأساس الأخلاقي المتين لا يقل أهمية عن تعليم مهارات الحساب والقراءة والكتابة. ونؤمن في أكاديمية قطر – الوكرة أنه لا غنى عن الأمرين كليهما؛ إذ لا يغني أحدهما عن الآخر.
يتألف المنهج الدراسي لمادة القيم والأخلاق من أربعة كتب مصنفة في سلسلة تعكس استمرارية الأهداف والخبرات في هذه القيم والمبادئ الأخلاقية الأربعة، بداية من مرحلة الروضة حتى الصف الثاني عشر. ويتولى تدريس مقرر القيم والأخلاق معلم مفوض لكل مرحلة صفية، ويُدمج جميع المعلمين الأخلاق في النواحي الدراسية للمواد بشكل مستمر وبصورة أصيلة. ويتم تدريب جميع معلمي أكاديمية قطر – الوكرة على منهج القيم والأخلاق ودعمهم لدمجه في الخطط الدراسية. وفي المدرسة الابتدائية يتم إضافة مقرر القيم والأخلاق ضمن برنامج البحث للسنوات الابتدائية تحت بند التربية الشخصية والاجتماعية والبدنية. وكذلك في المدرسة الثانوية يتم دمج القيم والأخلاق في الخطط الدراسية ومقررات المواد المختلفة. وهذا كله نابع من إيماننا بعدم تدريس أي مادة بمعزل عن المكون الأخلاقي لها.
طورنا منهج القيم والأخلاق داخليًا بناء على احتياجات الطلاب في ضوء خبراتنا وتعاملنا معهم بصفة يومية. ومن أجل هذا تعاون فريق عمل متكامل من المعلمين وأولياء الأمور والإداريين على مدار عام لوضع منهج دراسي مكتوب ولإعداد هذا البرنامج. وأهم من ذلك أن منهج القيم والأخلاق مكتوب بطريقة تعتمد على آراء الطلاب وثقافتهم وتجاربهم. وقد فضلنا ألا نستعين ببرنامج جاهز ربما لا ينسجم مع الطلاب؛ فمن الضروري أن يكون هذا المنهج مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمجتمعنا وأعراف الطلاب وثقافتهم. أطلقنا هذا البرنامج في أغسطس 2016 ، في نفس العام الذي أطلقت فيه صاحبة السمو الشيخة موزا جائزة “أخلاقنا”، وكانت مصادفة رائعة لها كبير الأثر في دعمنا وإلهامنا لمواصلة الجهود والتركيز على تعليم الأخلاق ضمن المكونات الرئيسية لبرنامجنا.
ويمثل منهج الأخلاق أداة ربط لكل ما نقدمه للطلاب على الصعيد الاجتماعي والوجداني من خدمات استشارية وأخلاقيات تعليمية وانضباط وسلوكيات وتطوير الشخصية وغير ذلك. ويزودنا بلغة مشتركة تتيح لنا إجراء حوار مع الطلاب في هذا الصدد. ومن الرائع أن يكون هناك حوار مع الطلاب حول هذه المعضلات التي يعاني منها الجميع حتى الكبار، لكن طلابنا يعرفون كيفية التعامل معها. وقد عقدنا مناظرة في أكاديمية قطر – الوكرة ضمن مشروعات الصف العاشر، شاركت فيها مجموعة طلابية مع مجموعة من أولياء الأمور حول الصعوبات المتعلقة بالشفافية فيما يخص الفروض المنزلية والدرجات وغير ذلك. حظيت هذه المناظرة بمشاركة جماهيرية وحققت نجاحًا كبيرًا.
وفي ختام كل وحدة دراسية، تعم الأجواء الاحتفالية بالأكاديمية وينظم الطلاب معرضًا للمشروعات التي أعدوها، كما يتم عرض المسرحيات وإلقاء الكلمات الطلابية في تجمعات كبيرة، ويرتدي الطلاب أزياء تعكس فهمهم لمقرر القيم والأخلاق. ويكون لهذا الجو الاحتفالي في ختام كل وحدة من وحدات القيم والأخلاق أثر كبير في الشعور بسعادة تدوم واعتزازنا بطلابنا وهم يجمعون بين التحلي بالأخلاق والإيجابية.